الجمعة، ١١ يوليو ٢٠٠٨

فرية كون تنقيط المصحف قد يغير من معنى الكلمات

الفرية:

لقد كتب القرآن الأصلي بدون تنقيط أو تشكيل ولكنه نقط بعد وفاة النبي والنقطة في اللغة العربية ربما تقلب المعنى رأسا على عقب، ما هي الضمانة على مطابقة القرآن الحالي بالأول؟ فعلى سبيل المثال لماذا كتبت لفظة خليفة في قوله : إني جاعل في الأرض خليفة . لماذا لم تكن خليقة بالقاف ؟!


الرد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يقول الله تعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [الحجر:9].
ومن مظاهر حفظ الله تعالى لكتابه أن هيأ له حفظة ضابطين وكتبة متقنين في كل عصر وفي كل مصر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث عندما تنزل عليه الآية يأمر أحد كتابه فيكتبها في موضع كذا من سورة كذا. ولم يكن في ذلك الوقت نقط ولا شكل للحروف، ذلك لأن هذا القرآن الكريم
منقول بالتواتر بالحفظ بالصدور ، فهذا هو الأصل الذي ترجع إليه حتى المصاحف ، ولهذا لو لم يبق في الأرض مصحف مكتوب ، فإنه لا يضيع القرآن ، وإنما كانت ولازالت المصاحف المكتوبة بالنقط ، ومن قبل التنقيط ، تقابل على مافي الصدور ، ولهذا فإن فائدة التنقيط ليست لحفظ القرآن المنقول بالتواتر ، وإنما لتسهيل القراءة على العامة فحسب ، أما القرآن فإنه محفوظ في الصدور ، ومعلوم أن المحفوظ في الصدور منقول بالسماع لا يحتاج فيه إلى تنقيط أصلاً ، ولكن هؤلاء الجهال النصارى يظنون أن القرآن لم يحفظ إلا بالخط المكتوب ، واعتمادا على ذلك فحسب نقله المسلمون !!
ولو كان الأمر كذلك ، لضاع القرآن وحرّف ، ولهذا قال تعالى
: (( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ )) [ سورة العنكبوت آية رقم 49]

وفي الحديث الذي رواه مسلم (( وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظاناً )) ، أي إن اصله في الصدر ، ليس في قرطاس فيغسل الماء ما فيه ، وهو في صدرك محفوظ سواء كنت نائماً أو يقظاناً لا يختلف ، ولا تخاف عليه الضياع ، وهكذا نقل من النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم بالتواتر إلى يومنا هذا ، يحفظه الملايين في صدورهم ينقلونه إلى الملايين ، حتى إن كثيراً منهم لا يعرف القراءة وإنما يأخذه بالسماع . ويتلون منه كل يوم خمس مرات في صلواتهم .

ولوعلم السائل بأن هذا المصحف الذي نقرأه اليوم قد كتب وضُبط وفقاً للروايات الصحيحة للقراء الحفظه لما تجرء وسئل سؤاله . . فمن هذه الروايات : رواية ورش وقالون وحفص وغيرهم . وهي روايات متواترة ومشهورة ...
ان هذا القرآن الكريم قد نقل إلينا القرآن نقلاً متواتراً عن الرسول الكريم تنقله أمة الإسلام جيلاً عن جيل يحفظونه في صدورهم ويتناقلون المصحف مكتوباً، ولهم أسانيدهم الصحيحة المتصلة التي تصلهم بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا سلم من التغيير والتبديل، ولا أدل على ذلك من أنك اليوم بعد أربعة عشر قرناً تقرأ المصحف في أقصى بلاد الشرق ثم تنتقل إلى أقصى بلاد الغرب فتجد المصحف هو هو بلا تبديل ولا تغيير.
فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقّن القرآن للصحابة رضي الله عنهم جميعا ، وكان يحفظه منهم العدد الكبير والعشرات ، وكان بعضهم يختص به أكثر من غيره ، ولهذا كان المشتهرون بإقراء القرآن من الصحابة سبعة : عثمان وعلي وأبي وزيد بن ثابت وابن مسعود وأبو الدرداء وأبو موسى الاشعري ، كذا ذكرهم الذهبي في طبقات القراء ، وقد قرأ على أبيّ جماعة من الصحابة أيضا منهم أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب ، وأخذ ابن عباس عن زيد أيضا ، وأخذ عنهم خلق من التابعين ، فمنهم من كان بالمدينة ابن المسيب ، وعروة وسالم وعمر بن عبد العزيز وسليمان وعطاء ابن يسار ومعاذ بن الحارث المعروف بمعاذ القاري وعبد الرحمن بن هرمز والأعرج وابن شهاب الزهري ومسلم بن جندب وزيد بن أسلم ، وبمكة : عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وعكرمة بن أبي مليكة ، وبالكوفة علقمة والأسود ومسروق وعبيدة وعمرو بن شرحبيل والحارث بن قيس والربيع بين خيثم ، وعمرو بن ميمون وأبو عبد الرحمن السلمي ، وزر بن حبيش ، وعبيد بن نضيلة ، وسعيد بن جبير ، والنخعي والشعبي ، وبالبصرة : أبو عالية وأبو رجاء ، ونصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر والحسن وابن سيرين وقتادة ، وبالشام : المغيرة بن أبي شهاب المخزومي صاحب عثمان ، وخليفة بن سعد صاحب أبي الدرداء ،
وقد انتشرت القراءة بالقرآن من غير هؤلاء عن غير شيوخهم عن غير أولئك الصحابة رضي الله عنهم ، فهو متواتر ينقله الجيل عن الجيل في صدورهم .