الأحد، ١٣ يوليو ٢٠٠٨

فرية: أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا

هذا رد بسيط بديهى على فرية طالما تشدق بها الجاهلون

و هى عن آية سورة الإسراء 16

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً

فكيف يأمر الله بالفسق؟ ثم يعاقبهم عليه بعد ذلك؟ و هل يأمر الإله بالفسق؟

و الرد بسيط جدا لمن يتدبر لحظة فى الآية و كلماتها بمعناها الصحيح

نحن لا نفسر بالروح القدس و إنما قواعد التفسير معروفة و هى حجة على كل من يدعى علم

و إجابة السؤال ببساطة تكون بالرد على السؤال الآخر:

ما هو الفـــســـــق؟

الرد من لسان العرب:
الفسق هو ترك أمر الله و الخروج على طاعته

و فى كل تفاسير و شروح مادة "ف س ق" فى كل المعاجم العربية تجد أن الأصل فيها هو الترك و الخروج و العصيان

إذن معنى الآية:

و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها فتركوا أمرنا و خرجوا على طاعتنا فأهلكناهم

فما هى أوامر الله التى تركوها و خرجوا عليها؟

و القرآن يفسر بعضه بعضا

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
النحل:90

أى أن الله أمرهم بالعدل و الإحسان و إيتاء ذى القربى أى بكل الخير و الحق و العدل و نهاهم عن الفحشاء و المنكر و البغى

تأمل معى السياق: أمرناهم .... ففسقوا

أى خرجوا على أوامر الله تلك فحق عليهم القول فأهلكهم

و هل يريد الله أن يهلك قرية؟

نــعــم

يريد أن يهلكها إذا استحقت الهلاك عقابا لها

فإن الله لا يتدخل فى إرادة خلقه و إنما هم يقررون أفعالهم بأنفسهم و باختيارهم

و الإنسان مسيّر فيم سيحاسب عليه

فالقرية التى كانت تظلم و تكفر و تعصى يأمرها الله بالحق و العدل و الإيمان و ينهاها عن كل فاحشة من القول و الفعل

فإن اختارت العصيان فإنها تستحق الهلاك و التدمير

و الدليل هو قوله تعالى فى الآية موضع السؤال:

فــحــــــق عليها القول

و قوله تعالى:

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
فصلت: 17

الخلاصة:

كان يمكن أن يكون السؤال ذا موضوعية أكبر و ذا محل لو كانت الآية:

و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها فـفســـــدوا ... أو أفــســــدوا فيها

هنا يكون الأمر بالفساد ويكون للسائل موضوع يمكن أن يتكلم فيه

و لكن عز من قال: فـفســـــقــــوا

أى أنهم عصوا الأمر الموجه إليهم و تركوه

ولو كان الله أمرهم بالفساد و الإفساد ففسدوا فعلا لما كان هذا فسوقا و إنما طاعة لأمر الله بالفساد و الإفساد و سبحانه و تعالى عن ذلك

وإنما هم فــســــقـــــوا

و الفسوق هو عصيان الأمر الموجّه إليهم

أى أن الأمر كان بالعدل و الإحسان و نهى عن الفحشاء و المنكر والبغى

و هم خرجوا عليه

تركوا هذا الأمر

فـــســـــقـــوا

فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً

و زيادة فى الإيضاح فإن فهم المعنى على أن الله قد أمر بالفسق مستحيل عقليا و لغويا

فكيف يأمر الله بعصيان أمره؟

كيف يأمر الله بترك أمره؟

و هل تكون هذه طاعة أم معصية؟

كيف يجتمع الشئ مع نقيضه؟

يستحيل أن يجتمع الأمر مع الأمر بتركه

و من هنا يستحيل حمل معنى الآية على أن الأمر .... هو أمر بالفسق

و فهم الآية على هذا الوجه إنما هو من أمراض العقول

و المعنى الصحيح واضح لمن له الحد الأدنى من العقل الراشد

فسبحان من أنزل الذكر

لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ