الجمعة، ١١ يوليو ٢٠٠٨

كيف يأتي في القرآن كلاماً على لسان الغير، ويكون في بلاغته كالقرآن تماماً؟

الفرية:
في بعض المواقف، ينقل القرآن القول على لسان آخرين.. مثل قوله عن موسى: " قال رب اشرح لي صدري ..... " وكقول الجن : " فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا " .. ويكون الكلام الذي قالوه من البلاغة مثل الذي في القرآن كله.

الرد:
إن كلام الأنبياء والجن والشيطان ... إلخ في القرآن الكريم حكاية عنهم وليس اللفظ لهم , فالله تبارك وتعالى حكى عنهم بلفظه جل في علاه، وهذا واضح تمام الوضوح من آيات القصص القرآني , فالله تبارك وتعالى هو المخبر بلفظه ومعناه جل في علاه , فالقرآن الكريم من آوله إلى آخره كلام الله سبحانه وتعالى لفظًا ومعنى،

قال سبحانه : {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ }القيامة18.

وقال سبحانه : {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً }الإسراء106.

وقال سبحانه : {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ }السجدة2 .

وقال سبحانه : {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }الزمر1.

فالقرآن الكريم كله كلام الله وليس لأحد فيه شيء , وكذلك ليس لجبريل عليه السلام ولا للنبي صلى الله عليه وسلم في القرآن شيء إلا التبليغ، فانظر إلى العمى والعمه الذي يعاني منه القساوسة حين يعرضون عن بدايات سور القرآن الكريم : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) !!

وللإمام الجويني في هذا المقام كلام حسن ذكره السيوطي في " الإتقان " وعلق عليه , قال الجويني : ( كلام الله المنزل قسمان , قسم قال الله لجبريل : قل للنبي الذي أنت مرسل إليه إن الله يقول : افعل كذا - وكذا وأمر بكذا , ففهم جبريل ما قاله ربه , ثم نزل بعد ذلك إلى النبي وقال له ما قاله ربه , ولم تكن العبارة تلك العبارة , كما يقول الملك لمن يثق به : قل لفلان : يقول لك الملك اجتهد في الخدمة , واجمع جندك للقتال , فإذا قال الرسول يقول : يقول لك الملك : لا تتهاون في خدمتي , ولا تترك الجند تتفرق , وحثهم على المقاتلة ... لا يُنسب إلى كذب , ولا تقصير في أداء الرسالة .
وقسم آخر : قال الله لجبريل : اقرأ على النبي هذا الكتاب , فنزل جبريل بكلمة من الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابًا ويسلمه إلى أمين , ويقول : اقرأه على فلان , فهو لا يغير منه كلمة ولا حرفًا ) .

قال السيوطي : ( قلت : القرآن هو القسم الثاني , والقسم الآول هو السنة ) ( الإتقان في علوم القرآن 1/44 ) .

فمن زعم أن القرآن به كلام غير كلام الله , وكأنه لم يمر على قول الله عز وجل : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ }الشعراء 193-194 .

وكذلك قول الله عز وجل : {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء88 . فكيف يزعم عاقل أن القرآن الكريم فيه كلام لغير الله جل في علاه !!