السبت، ١٢ يوليو ٢٠٠٨

الحكمة من زواج الرسول من السيدة عائشة



تعليقا على قولهم و تعجبهم من زواج رسول الله صلى الله عليه و سلم من السيدة عائشة و هي في التاسعة من عمرها ثم دخوله بها و هي في العاشرة، أقول ابتداء إنه لمن العجيب إنكارهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم زواجه الشرعي من السيدة عائشة رضي الله عنها و هم يقبلون من الإنجيل أن الأنبياء يمارسون زنى المحارم كالنبي لوط عليه السلام و يهوذا، و يزنون و يقتلون ليس فقط بدون وجه حق بل للوصول للزنى كقصة النبي داود عليه السلام و زوجة أوريا و أنهم أهل خمر كالنبي نوح و النبي لوط عليهما السلام فوق ذلك كله أنهم عبدة أوثان كالنبي سليمان عليه السلام الذي عبد الأوثان لأجل إرضاء زوجاته الوثنيات. (نحن كمسلمين نبرئ جميع أنبياء الله عليهم السلام من هذه النقائص و لا نقر أو نعترف بصحة أيٍ من هذه القصص، و لكننا هنا نحاجج النصارى بأقوالهم).



عموماً تعليقا على الأمر من وجهة النظر الإسلامية نقول و بالله التوفيق أن في هذا الأمر حكمة عظيمة و لولاها لما وصلنا الإسلام بهذه الصورة التي وصلنا بها اليوم. إن زواج الرسول صلى الله عليه و سلم من السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق و إظهاره حبه لها و إصراره على أن يُنقل إلى بيتها في مرضه ليموت هناك إثبات و تأكيد على حبه لها و لوالدها رضي الله عنهما حتى آخر لحظة في حياته صلوات الله وسلامه عليه، و في هذا رد على كل رافضي ينعق بسوءٍ في حق أبي بكر و عمر رضي الله عنهما. إذاً كان هذا الزواج لحكمه عظيمة حفظت الإسلام حتى اليوم.



و الآن من ناحية عقلية لننظر في الأمر، و أنا هنا أتساءل ماذا يمنع أن تتزوج المرأة في سن العاشرة، و أقول إن ذلك لا يخرج عن النقاط التالية:
أولاً- موانع فسيولوجية.
ثانياً- موانع قانونية أو عقلية.

أولا – الموانع الفسيولوجية.
الموانع الفسيولوجية و هي على قسمين الأول خاص بالمرأة و الثاني خاص بالرجل نظراً لكبر السن (أنا هنا أعني رسول الله صلى الله عليه وسلم تحديداً). أما الأول فأنا أسأل ألم تحض السيدة عائشة في العاشرة أليست تحيض النساء في سن العاشرة (علماً بأن سن الحيض مرتبط بالطقس ففي البلاد الحارة تحيض النساء في سن مبكرة و يمكن مراجعة الموسوعات الطبيبة لمعرفة متوسط سن الحيض لكل دولة)، و ما معنى أن تحيض المرأة أليس هذا يعني أن المبيضين قد بدءا في العمل و هذا يعني أنه قد آن الأوان لتلقيح هذه البويضات و ذلك لإتمام عملية الإنجاب التي شاء الخالق سبحانه و تعالى،و هو العليم بما يصلح لخلقه، أن تبدأ في هذا السن، ثم أليس هذا يعنى أن الجسم قد بدأ يفرز الهرمونات الخاصة بالرغبة الجنسية و أن المرأة قد بدأت تدخل في صراع داخلي بين ما تسببه هذه الهرمونات الطبيعة من رغبة و واقع المجتمع في العصر الحديث من تأخير للزواج - أنا أود من النصارى أن يوضحوا لنا ما هي مبررات تأخير الزواج.
و أما الثاني و هو الخاص بالرجل فأقول أن العمر ليس مانعاً من الزواج و لم يعترض أحد على مدى التاريخ على هكذا زواج و لم يستغربه أحد إلا المعاصرون و أنا أرجع ذلك لما يعانيه هؤلاء من ضعف بدني و جنسي و هم يظنون أن هذا الأمر منطبق على الجميع، و أنا هنا أذكرهم أن الرجال في عصر الرسول صلى الله عليه و سلم و قبله و بعده كانوا يُسّيرون و يقودون الجيوش و هم في عمر فوق السبعين سنة و كان الرسول صلوات الله و سلامه عليه يُسير و يقود الجيوش إلى معارك تبعد مئات الأميال عن مركزه في المدينة المنورة، و أُذَكِر هنا أن تسيير الجيوش في ذلك العصر ليست كما هي عليه اليوم فهم كانوا يسيرون على الأقدام نصف النهار و يركبون الدواب النصف الآخر ثم في المعركة يحملون سيوفاً تصل في الوزن إلى ما فوق سبعة كيلو جرامات و يبارزون بها و يتصارعون معظم النهار و هذا ما يفوق طاقة شبابنا في هذا العصر. و هذه الحقائق تبطل دعوى كل مدعي بعدم تناسب الزواج بسبب العمر. و عندنا شواهد في العصر الحديث عن الاختلاف الكبير في الصحة و القدرة الجنسية بين أهل المدن و أهل القرى و الجبال. ثم ما نراه في حياتنا اليومية يثبت أن الفارق في السن بين الزوجين أدعى إلى التفاهم فالزوجة في هذه الحالة تقر للزوج بصواب الرأي و المشورة لما له من خبرة و معرفة بالحياة، و تنخفض حدة النقاشات الناتجة عن ظن كلاً من الزوجين أنه أصوب و أكثر علماً بشؤون الحياة.

ثانيا– الموانع القانونية أو العقلية.
أ- موانع عقلية -- قد يقال أنها صغيرة لم ترشد و لا تستطيع أن تقرر، و أما أنا فأقول و متى نرشد أنظر حولك و ستجد أن الشباب في سن الخامسة و العشرين لم يرشدوا و مازالوا بحاجة للتوجيه و مع مرور الأجيال يزداد الأمر سوءاً، و حتى في سن الخامسة والعشرين أو أكبر منها و إن كان الشباب عاقلين راشدين فهم في حاجة إلى توجه الوالدين إلى حسن اختيار الزوج أو الزوجة. و بناءً عليه فمادام الأمر سيرد إلى الوالدين في التاسعة أو التاسعة والعشرين ففي التاسعة أفضل و أصون للعفة و أصلح للمجتمع حيث سيتركز مجهود الشاب أو الشابة على ما يُصلح حاله و حال المجتمع بدلاً من أن يبدد مجهوده في ما لا يصلح من أوهام و خيالات يعاني منها الشباب في سن المراهقة. ولذا نجد أن القدماء كانوا ينبغون و يرشدون و يبدعون في سن مبكرة فعندنا الإمام البخاري الذي أصبح مرجعاً و هو في الخامسة عشرة من عمره، و أسامة بن زيد الذي قاد جيش المسلمين و هو في السادسة عشرة من عمره و هناك الكثير من الأسماء التي لا يتسع المجال لطرحها هنا.
ب- موانع قانونية -- قد يقول أن القانون يمنع هكذا زواج فأقول أن هذا القانون مستحدث و أن واضعي هذا القانون هم الأوربيون و نحن المسلمين لا نأخذ قوانيننا من أهل خمر و فسق، فهؤلاء القوم في النهار مُنَظِرون يضعون القوانين و الدراسات و في الليل أهل خمر و دعارة و تبادل زوجات فهم من الناحية الشرعية و الأخلاقية ليسوا أهلاً لأن يُستقى منهم أي قانون اجتماعي أو شريعة حياة. و لكن يمكن أن يأخذ منهم العلم المادي البحت أو الأنظمة المادية كنظام المرور مثلاً و لكن لا يسمح لهم بالعبث في خصوصية مجتمعنا و أنماط حياتنا فعلينا أن نتبع من القوانين الاجتماعية ما يقره شرعنا و يناسب فطرتنا و يٌصلح أمرنا. أما قوانين هؤلاء القوم الذين أباحوا الشذوذ الجنسي بل أقروا زواج الجنس الواحد و أغرب من ذلك إجازتهم الزواج من الكلاب فلا يأخذ منها إلا ما وافق شرعنا هذا إذا كان فيها ما يوافقه.